Monday, November 23, 2009

الرضا


قصيدة الرضا للشاعر محمد مصطفى حمام
علمتني الحياة أن أتلقى
كل ألوانها رضا و قبولا
و رأيت الرضى يخفف أثقالي
و يلقي على المآسي سدولا
و الذي أُلهم الرضا لا تراه
أبد الدهر حاسد أو عجولا
أنا راض بكل ما كتب الله
و مسد إليه حمدا جزيلا
أنا راض بكل صنف من الناس
لئيما ألفيته أو نبيلا
لست أخشى من اللئيم أذاه
لا و لن أسال النبيل فتيلا
فسح الله في فؤادي فلا
أرضى من الحب و الوداد بديلا
في قلبي مكان لكل ضيف
فكن الضيف مؤنسا أو ثقيلا
ظل من يحسب الرضا عن هوان
أو يراه على النفاق دليلا
فالرضا نعمة من الله لم
يسعد بها من العباد إلا القليلا
و الرضا آية البراءة و
الإيمان بالله ناصرا و وكيلا
علمتني الحياة أن لها طعمين
مرا و سائغا معسولا
فتعودت حالتيها قريرا
و ألفت التغيير و التبديلا
أيها الناس كلنا شاربا كأسين
إن علقما و إن سلسبيلا
نحن كالروض نضرة و ذبولا
نحن كالنجم مطلعا و أفولا
نحن كالريح ثورة و سكونا
نحن كالمزن ممسكا و هطولا
نحن كالظن صادقا و كذوبا
نحن كالحظ منصفا و خذولا
قد تُسَّري الحياة عني
فتبدي سخريات الورى قبيلا قبيلا
فأراها مواعظا و دروسا
و يراها سوايا خطبا جليلا
أمعن الناس في مخادعة النفس
و ظلوا بصائرا و عقولا
الأديب الضعيف جاها و ملا
ليس إلا مثرثرا مخبولا
و الأديب الغني مالا و جاها
هو أهدى هدى و أعظم قيلا
و إذا غادة تجلت عليهم
خشعوا أو تبتلوا تبتيلا
و تلوا سورة الهيام و غنوها
و عافوا القرآن و الترتيلا
لا يريدون آجلا من ثواب الله
إن الإنسان كان عجولا
و إذا ما انبريت للوعظ قالوا
ليست ربا و لا بعثت رسولا
أرأيت الذي يكذب بالدين
و لا يرقب الحساب الثقيلا
أكثر الناس يحكمون على الورى
و هيهات أن يكونوا عدولا
فلكم لقبوا البخيل كريما
و لقبوا الكريم بخيلا
و لكم أعطوا الملح فأغنوا
و لكم هجروا العفيف الخجولا
رب عذراء حرة وصموها
و بغي قد صوروها بتولا
و قطيع اليدين ظلما و
لص أشبع الناس كفه تقبيلا
جل من قلد الفرنجة منا
قد أساء التقليد و التمثيلا
فأخذنا الخبيث منهم و لم
نقبس من الطيبات إلا القليلا
يوم سن الفرنجة كذبت
إبريل غدا كل عمرنا إبريلا
نشروا الرجس مجملا
فنشرناه كتابا مفصلا تفصيلا
علمتني الحياة أن الهوى
سيل فمن ذا الذي يرد السيولا
ثم قالت و الخير في الكون باق
بل أرى الخير فيه أصلا أصيلا
إن ترى الشر مستفيضا فهون
لا يحب الله اليؤوس الخذولا
و يطول الصراع بين النقيضين
و يطوي الزمان جيلا فجيلا
و ذليل بالأمس صار عزيزا
و عزيز بالأمس صار ذليلا
رب جوعان يشتهي فسحة العمر
و شبعانا يستحث الرحيلا
و تظل الأرحام تدفع قابيلا
فيردي ببغيه هابيلا
و نشيد السلام يتلوه سفاحون
سنوا الخراب و التقتيلا
و حقوق الإنسان لوحة رسام
أجاد التزوير و التضليلا
قال صحبي تراك تشكوا جروحا
أين لحن الرضا رخيما جميلا
قلت اما جروح نفسي قد
عودتها بلسم الرضا لتزولا
غير أن السكوت عن جرح قومي
ليس إلا التقاعس المرذولا
لست أرضى لأمة أنبتتني
خلقا شائها و قدرا ضئيلا
لست أرضى تقاطعا أو تحاسدا
لست أرضى تخاذلا أو خمولا
أنا أبغي لها الكرامة و المجد
و سيفا على العدا مسلولا
علمتني الحياة اني إن
عشت لنفسي أعش حقيرا هزيلا
علمتني الحياة أني
مهما أتعلم فلا أزال جهولا

No comments:

Post a Comment

انطلق برأيك