Thursday, December 18, 2008

حدثى شيخى3

بعدما جلسنا ككل مرة نستمع الى القرآن ثم الدعاء من شيخنا بدء الحلقة باستكمال موضوعنا عن الطريق الى النفس المطمئنة
فقال : لقد مررنا بأيام عظيمة نتعلم منها اعظم درس لتفادى الغفلة
أتدرون ما هو؟
فكرنا فقلنا : لعله الذكر
قال:و ما دليلكم
قالت اخت منا : قال الله عز و جل
: { ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } ( الحج 28 )
، وقال : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين * ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم * فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا } ( البقرة 198- 200)
فاستكملت الاخرى قائلة:
هناك حديث للسيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إنما جعل الطواف بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ) رواه الترمذي وغيره
فاستكملت :
و عن نبيشة الهذلي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال :( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله ) رواه مسلم

و اختتم الشيخ الادلة بهذا الحديث :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل الذى يذكر ربه و الذى لا يذكر ربه مثل الحى و الميت
فان كانت السلسة عن الطريق الى النفس المطمئنة و كيفية مقاومة النفس الغافلة فاعلموا ان الذكر سلاحنا
فكل شىء يسبح حولنا و نحن فى غفلة
فاذا عرفتم فالزموا

Thursday, December 4, 2008

حدثنى شيخى2

استكمل شيخى حديثه عن النفس الغافلة و قال:

ان الكثير من الناس يتغافلون عن أنفسهم لانهم اذا بحثوا فيها سيجدون اشياء كثيرة خاطئة مستمتعين بها لا يريدون تغييرها و البعض الاخر لن يفكر فى نفسه و عيوبها و سينشغل فى عيوب الاخرين اما الفئة الاخيرة فستحاول البحث و لكن لن يتوصلوا الى المشكلة و من سيعرف المشكلة سيتكاسل فى حلها و القليل هم من يصابر و يثبت حتى يكسب المعركة مع نفسه

فقلنا يا شيخ : أتوجد معركة بيننا و بين أنفسنا؟

قال: و لم لا و هى عدونا الاول

الشيطان و نفسى و الهوى كيف الخلاص و كلهم اعدائى

فيجب ان نحارب النفس التى تشبثت بعادات خاطئة و شهوات تحكمت فيها

و المحاربين كثر فى ساحة الحرب

فهناك ابو سليمان الدرانى الذى قال:

مازالت اسوق نفسى الى الله و هى تبكى اليه حتى وصلت و هى تضحك

و قال السلف : النفس دابة فمن سيسوق نفسه و من ستسوقه نفسه؟

فقلنا يا شيخ : و ما العمل؟

قال:يجب أن نتأمل فى أنفسنا جيدا كى نعرف اين يكمن الخطأ و ما هى نقاط ضعفنا التى يدخل منها الشيطان حتى لا تتزعزع انفسنا . فنحن امام مغريات و فتن كثيرة و هذه الفتن لا تحتاج نفس ضعيفة الا وقعت فيها . و نضرب كمثال عبدالرحمن الداخل الذى هرب هو و أولاده الى الاندلس مطلوب رأسه من قبل الدولة العباسية التى كانت تقتل أى شخص من الامويين .هذا الرجل أقام دولة قوية بالاندلس و أقام خلافة أموية و لم تتزعزع نفسه امام كلام الناس عن امر قتله فى اى وقت لانه من بنى أمية . فالقد وضع هدف امامه و ساق نفسه الى المعالى لا الى الهاوية .

قلنا يا شيخ : و لكن الم يخف من القتل ؟ فمن الممكن ان يقول عنه البعض انه لم يأخذ بالاسباب اذا قتل؟

قال:الم أقل لكم انها حرب مع النفس .الامر ليس هكذا ولكنه يتعلق بهمة تناطح السحاب , فان يموت المرء مجاهدا شريفا عالى النفس افضل ان يموت جبانا خائفا . و لننظر الى هذه النفس التى لم تخاف الا الله , ماذا فعلت , اقامت دولة عظيمة بالاندلس . و هذه النفس هى التى نحتاجها اليوم , النفس التى لا تخاف الا الله , التى لا تتزعزع امام الفتن و الجلاد .

قلنا: و كيف لنا ان نصل الى هذه الدرجة ؟

قال:ان تعرف نفسك جيدا فلا تتزعزع و لا يشكك فيها أحد

قلنا :استكمل يا شيخنا قالقد شوقتنا الى المعالى.

قال : هناك مقدمات يجب أن تضعها أمامك كبداية لاصلاح النفس و كبداية لتعرف نفسك

فالقد قال تلميذ مالك : من تفرس فى نفسه فعرفها صدقت له فراستها فى غيره

قلنا : و ما تلك المقدمات؟

قال: اولا أن تعرف سر وجودك و حياتك

فالجميع مشترك فى خصائص و طبائع عامة للنفس يجب التعرف عليها و يجب معرفة المفروض ان تكون عليه النفس

فالقد قال الله عز و جل " افحسبتم انما خلقناكم عبثا و انكم الينا لا ترجعون"

و لكى تعرف ما يجب ان تكون عليه يجب ان تعرف اولا لماذا خلقت؟و ما قيمتك فى الحياة؟ و ما هى خصائصك , صفاتك , عيوبك , ايجابياتك و سلبياتك

و ليس كما يردد البعض "لا اعلم من اين جئت و لكنى اتيت"

فهذا خطأ كبير , و يجب علينا ان نعرف لماذا جئنا و من اين اتينا حتى نكتب بطاقة تعريف لانفسنا

قلنا :و ما فائدة بطاقة التعريف لانفسنا؟

قال : و كيف تكون صديقا و انت لا تعرف صديقك و كيف تكسب عدوك و انت لا تعرفه ؟

فأن موطنا الاصلى الجنة و جئنا لعبادة الله و عبادة الله هنا تفسرها ايه جميلة توضح شمولية العبادة الا و هى

"قل ان صلاتى و نسكى و محياى و مماتى لله رب العالمين"

فالحياة كلها لله و من المفترض ان تنبع اعمالنا كلها من مصدر واحد الا و هو ارضاء الله

فتعمير الارض عبادة و النجاح و المذاكرة و العمل و النكاح و حتى الابتسامة و النوم عبادة اذا وضعنا النية لذلك

قلنا : و بذلك نكون عشنا حياتنا لله

فقال: لا تعتقدون الامر سهلا فالحياة فى سبيل الله صعبة . لا اقول ان الامر مستحيلا و لكنه ليس يسيرا و لكن ستمرون بكثير من الفتن التى ستبين من سينجح و من لا.

قلنا : اذن يجب ان نعرف ان موطنا الاصلى الجنة و اننا خلقنا لعبادة الله بالمفهوم الشامل للعبادة حتى لا نتهاون مع انفسنا و نجعلها دائما فى رقى فلا تتكاسل حتى تلحق بركب الناجحين الى الجنة

قال: الان يمكن ان اقول انكم فهمتم ما اريد من المقدمة الاولى و يمكننى الان ان انتقل الى المقدمة الثانية باطمئنان

فالمقدمة الثانية هى

"قد أفلح من زكاها و قد خاب من زكاها"

فيجب ان نعلم ان سر الفلاح فى تزكية النفس باستمرار و ان سر الخيبة و الخسران فى دس النفس فى شهواتها و ملذاتها

فالمعادلة كلاتى:

شخص عرف سر حياته:سيعمل على :الوصول الى الله :عن طريق:تطهير نفسه:فوصل الى الهدف

شخص عرف سر حياته:لم يهمه الامر و لم يزكى نفسه: فكانت النتيجة الخيبة و الخسران

قلنا : و ما علامات الخيبة ؟

قال:

عدم التزام

ضعف ارادة

جبن

عدم مواجهة للحياة

فاندهشت و قلت فى نفسى : كنت أظن اننى لست من فئة المعادلة الثانية و لكن دلائل الخيبة ليست بعيدة عنى

فقال الشيخ و كأنه يقرأ افكارى: يظن البعض انه بعيد عن المعادلة الثانية و قد يكون السبب انه لا يتأمل فى نفسه و ينظر لعيوب الاخرين كما قلنا فى بداية الحلقة و لكن الحقيقة هى اننا لسنا ببعيد عن اصحاب المعادلة الثانية و لكن هذا ليس تحبيطا و لكن خطوة لمعرفة انفسنا على حقيقتها حتى نعمل على تزكيتها و لكن الاسف كل الاسف لمن استمر فى معادلته الثانية .

قلت: يا شيخ و كيف تكون علامات الخيبة مرتبطة بنفوسنا , اليس من الممكن ان تكون هذه الاسباب سبب الظروف الصعبة التى نحن فيها الان؟

قال: ان المنطق التبريرى كثر هذه الايام و فى الواقع ان المنطق التبريرى ناتج من كسل فكرى و تقافة الكسل العام . فلا يجب ان نعلق كل شىء على الظروف لاننا اذا اصلحنا أنفسنا سنملك تغيير هذه الظروف ان شاء الله لان اصلاح النفس الحقيقى سينعكس بشكل تلقائى على الظروف و بالتالى سيزيد عدد الصالحين المصلحين و سيكون هناك أمل فى تغيير أوضاعنا السيئة.و هذا ايضا لا يعانى التعارض بين اصلاح النفس و الظروف فى آن واحد

أما عن ارتباط هذه النقاط بالنفس فهذا ما سنوضحه الان

ففى الدنيا علامات كثيرة منها

1_ضعف الارادة و الهمة:
يكون بسبب احتلال النفس للشخص و عدم معرفته بدأ أو سلك أو تكملة الطريق الصحيح

2_التردد

عدم الثبات على رأى أو اختيار و يصل الامر الى ابعد من ذلك و نجد ان العمل الخيرى الذى نقوم به بدافع الهوى و النفس فى حب الظهور , الشهرة , او اشياء اخرى .

3_الذل:

يكون الانسان عبد لنفسه , لا يستطيع أن يرفض لها طلب فتسوقه لمواطن السوء

فلا يستطيع ترك التدخين, ترك العصبية و الغضب , ترك الغيبة و النميمة , ترك النوم الكثير و الكسل و ترك فيلم او مسلسل مثل نور , فيكون الانسان اسير لنفسه

4_الجبن:

فان النفس تخاف من السخرية و تخاف من كلام الناس و خاصة عند قول الحق

5_انعدام الحياء:

و لعلها ظاهرة منتشرة الان سواء فى الشارع او فى القنوات التلفزيونية

هذا فى الدنيا اما فى الاخرة:

الندم .فأحد الحكماء يقول :الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا

قد قارب الوقت على صلاة الجمعة و حان انتهاء وقت الدرس فكان السؤال : و ماذا نقعل الان الى اللقاء القادم يا شيخنا

فقال:

تجلسوا مع انفسكم فى جلسوة خلوة , انتم و انفسكم و الله رقيب عليكم

تمسكون بورقة و قلم و تكتبون : لماذ خلقتم و الى اين ستذهبون؟

ثم تفكرون فى هذه العلامات السابقة

تفكروا جيدا و لا تعتقدون انها بعيدة عنكم

و اكتبوا ما تروه فى انفسكم من نقاط ضعف و قوة كبداية لمعرفة انفسكم ثم ضعوا المعادلتين السابقتين امام اعينكم لتروا مدى تأثركم بهما الى ان نراكم فى الاسبوع القادم ان شاء الله