Friday, November 27, 2009
Monday, November 23, 2009
التجرد الأصلاحى
فى ظل هذه الأيام الجميلة تتجرد العباد من شهواتها , أموالها و حتى أولادها و عائلتها كى يلجئون الى الله الواحد القهار , معلنين التجرد من كل المعانى الدنيوية بحلالها و حرامها فتسمو نفوسهم و أرواحهم و ندائهم بالتهليل و التكبير و التسبيح . و كم يعجبنى معنى التجرد الأصلاحى و دوره فى صلاح المجتمع و لقد كانت لى بعض الخواطر عنه على هذه الصفحة أيضا بعنوان "سلسة لبيك" و استكملها ببعض معانى التجرد و هى :*التجرد من شهواتنا الخفية و الجلية و التى لا نعلمها الا اذا أحببنا أن نعلمها . فكم من مأساة حدثت لتطيب أنفسنا و تستريح ضمائرنا بمبرراتنا المعسولة المنطقية فى ظاهرها و الخبيثة فى كامنها . *التجرد من التناقض الكامن فى حياتنا الشخصية و اليومية . لنا أن نرى ذلك الأب الذى يعلم ابنه قيمة الصدق و مع أول تليفون نجده يقول لابنه "قل للمتصل انى نائم" و لو تخلص الأب من شهوة الراحة لتخلص من التناقض و لرحم نفسه و ابنه من تربيته الخاطئة . و هناك تجد هذا السياسى الذى يريد أقامة دولة الأسلام لتجده يضيع فروض الله من صلوات الجماعة و الذهاب الى المسجد مع أن الجماعة فى حد ذاتها مجتمع صغير و لو تخلص هذا الشخص من شهوة الكسل لارتاح من تناقضه و أفاد أمته . و هنا تجد تلك الأم تنادى بالمثل و الأخلاق لتجد الأبناء مثلهم كمثل باقى جيلهم يرقصون على الأغانى الهابطة و يرددون أبشع الألفاظ . و تجد تلك المخطوبة تظهر أجمل ما فيها من باب لا أكذب و لكنى أتجمل حتى يكتشفها زوجها مستقبلا على حقيقتها و لو تخلصت من شهوة الغش و الخداع و ظهرت كما هى لانها هى كذلك لارتاحت من تناقضها و لارتاح من معها و لكن للأسف نجد فى هذه الحياة من يحبون خداع أنفسهم و يحبون من يخادعهم . و على الجانب الأخر تجد ذلك الخاطب لا يحب أن ينظر أحد من الرجال الى خطيبته أو يتحدث لها و له فى ذلك حق و لكنه يحلل لنفسه النظرة و التحدث و نسى انهم متساوون فى النظرة الحرام فهى سهم مسموم من سهام أبليس و نسى أن التحدث له أدابه على الجنسين و شروطه الأساسية هى عدم الخلوة , غض البصر , التحدث فى الأمور الهامة و الوقوف باعتدال و التحدث دون ميوعة و لو تخلص من شهوة النزعة الذكورية فى حق التصرف كيف يشاء لانه "ذكر" لتخلص من تناقضه و لارتاح و اراح من معه . *التجرد من الكبر و التأفف من الناس و يظهر ذلك فى أقل المواقف مثل :التأفف من حمل حقائب المشتريات و خاصة تلك التى بها خبز و لا أعلم لماذا ؟! التأفف من السير مع شخص يعلم عنه الناس فقره الظاهر على مظهره , فقد لا يتأفف هذا الشخص فى التحدث معه فى الخفاء أو فى وسط مجموعة من الناس تسير بجانبه و لكن بمفرده يظهر تأففه . و من صفات التكبر الأعتزاز بالرأى الى أقصى الحدود و عدم الأقتناع بآراء الأخرين و ليس عيبا التمسك بالحق ان كان حقا و لكن العيب الأكبر فى الكبر هو التمسك بالرأى الشخصى مع رفض آراء الأخرين بل و الحجر عليها لتجد هذا الشخص يكرر كثيرا كلمات الأعتراض و النقد الدائم بمبرر أو من غير مبرر . و هنا تدخل نقطة التعصب معها .* التجرد من التفرقة و التشتت بالتعاون و زيادة تماسك الصف . *التجرد من أنايتنا و حب الامتلاك من أبسط صورها الظاهرية فى البخل و اخراج الصدقة الى امتلاك الرجل للمرأة فى بيته و منعها من الذهاب لأى مكان أو الأختلاط بأى أشخاص و حب امتلاك المرأة بمنع الرجل من أصدقائه (طبعا الرجال)ا*التجرد من ظلمنا لأنفسنا بفعل المعاصى و من ظلمنا للآخرين بسوء الظن فيهم و أقامة الشائعات عليهم* التجرد من النظرة الأحادية أو التعصب بعدم حجر أفكار الأخرين و التعبير عنها بشرط الأحترام * التجرد من حبنا الزائد لأنفسنا برؤيتها أنها تعلو الصغائر و برفضها النقد حتى لو كان فى محله لتكون النظرة الأولى للنقد البناء أساءة و فى واقع الأمر انه لم يسىء بل الشخص المحب لنفسه أصم نفسه عن السماع و عقله عن التفكير ليخفى واقع أو حقيقة لا يريد مواجهتها و بذلك ترى هذا الشخص أول كلمة تتردد على لسانه فى مواجهة أى نقد هى كلمة الأساءة- أى أن الأخرين أساؤا له- و هذا فى الواقع لم يحدث*التجرد من نظرة الندية لتعلوها نظرة المساواة فالرجال فى الحج يأدون نفس المناسك مثلهم مثل النساء . و هنا المساواة بضوابطها الشرعية . فيجب أن تعلو نظرة العدل عما دونها و أن يتذكر كلا الطرفين انهم "أنسان" و ما قد يرفضه أنسان قد يرفضه أنسان آخر و على هذا قال المأذون لو اتفقت الزوجة فى عقد القرآن من زوجها على عدم الزواج بغيرها و حدث غير ذلك لحق لها الطلاق اذا كان شرط متفق عليه لتعلو قيمة " أنسان " و المؤمنين عند شروطهم على مفهوم الندية الذى قد يراه آخرون انها بذلك تساوى نفسها بالرجل , فكما هى لا تتزوج بغيره فهى لا تريده أن يتزوج بغيرها . و لست بصدد الآن مناقشة تعدد الزواج و لكن المضمون هو أعلاء نظرة العدل و المساواة عن الندية و قبل أن ينظر الرجل لنفسه كرجل يحق له أشياء لا تحق للمرأة "مع ترك أشياء كلمة عائمة فى نظر المتحدثين بها" يجب أن ينظر أولا لنفسه كأنسان و لنضرب مثل شائع متكرر بين المخطوبين لنجد أن الخاطب لا يحب أن تختلط خطيبته بالرجال و لا يحب حتى أن يأخذ زميلها رقم هاتفها لأى سبب حتى لو كان لعمل تحت مبرر أن العمل داخل جدران مؤسسة العمل فقط .و ليس فى غيرته عيبا و لا فى ذلك ما يسىء أليه و لكن ما يسىء أن تحترم هى كل ذلك و تقدر مشاعره و تبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق ما سبق لتجده هو كرجل يتصرف بصورة مختلفه تؤذى مشاعرها . فهو يحق له أن يعطى رقم تليفونه لزميلاته كى يتصلوا فى الأعياد و المناسبات -أى أشياء لا تبدو ضرورية كالعمل_و هذا تحت مبرر انه رجل .و اذا علت قيمة المساواة و العدل و الأنسانية و عدم التناقض لرأى هذا الرجل أنه طرف فى العلاقة و بنفس المبدأ الذى قاله لخطيبته هو نفس المبدأ الذى يجعله لا يفعل هذا الأمر لانه من المفترض أن يكون مرفوض لأخ أو أب أو شريك هذه التى تتحدث اليه . و ليس فى الأمر ندية بل اذا ارتضى الأنسان مبدأ أنسانى فيجب عليه تحقيقه على نفسه أولا . *التجرد من ألفاظنا "الدبش" أو مبمعنى آخر المسيئة . الحقيقة من الممكن قولها و لكن ليس شرط أن تقال كطوب يقذف على السامع . عجبا أن أسمع عن مشكلة بين خطيب و خطيبته و أساسها أن المخطوبة تسأله أن يحسن علاقته بأمها فأجابها أنه يكره أمها . و كم كلمة الكره هذه كلمة كبيرة عنيفة تقطع كل أواصر الحب و المودة . فاذا كان الموقف هو العكس هل كان سيحب هذا الخطيب أن يسمع تلك الكلمة من خطيبته ! و من الأشياء الجميلة التى سمعتها فى أحد البرامج تلك الأيام هو أتصال تليفونى من رجل يقول انه متزوج منذ أربعة و أربعين عام و لم يحدث مشاكل بينه و بين زوجته معللا ذلك بشىء يقوله كنصيحة للشبابو هو أن الود يأتى من الرجل . فالرجل يجب عليه أن يتودد لزوجته و يحكى لها تفاصيل حياته و يكون هو المبادر لذلك لانه اذا لم يفعل ذلك ستشعر الزوجة أن زوجها يخبأ عليها شىء ما فستبدأ فى الشك أو نظرة عدم الأهمية لنفسها لأهمال زوجها لها و من هنا يكون النزاع . و بغض النظر عن الأتفاق مع نصيحة هذا الرجل أو لا فهى نصيحة جميلة توضح دور الرجل المهم فى الأقدام أولا و القرب و التودد و ليس عكس ما يطلبه معظم شباب هذه الأيام بأن تتقرب الزوجة دائما و أبدا دون أى مشاعر من الرجل تحت مبرر ضغط الشغل. وانتهى ذلك البرنامج بجملة جميلة للمذيعة لميا بأن اذا كان الرجل تاج جميل فهو يحتاج لمن يحمله .
و أخيرا يعلمنا الحج درس عظيم و هو قيمة التوكل على الله و الألتجاء اليه
و أختتم تلك التدوينة بهذه الأبيات الشعرية المنقولة
لئن نأت بنا الأجساد فالأرواحُ تتصلُ ** ففي الدنيا تلاقينا وفي الأخرى لنا أمل
فنسألُ ربنا المولى وفي الأسحار نبتهلُ ** بأن نلقاكم في فرح بدار ما بها مللُ
بجنات وروضات بها الأنهار والحلل ** بها الأحباب قاطبة كذا الأصحاب والرُسُلُ
الرضا
علمتني الحياة أن أتلقى
كل ألوانها رضا و قبولا
و رأيت الرضى يخفف أثقالي
و يلقي على المآسي سدولا
و الذي أُلهم الرضا لا تراه
أبد الدهر حاسد أو عجولا
أنا راض بكل ما كتب الله
و مسد إليه حمدا جزيلا
أنا راض بكل صنف من الناس
لئيما ألفيته أو نبيلا
لست أخشى من اللئيم أذاه
لا و لن أسال النبيل فتيلا
فسح الله في فؤادي فلا
أرضى من الحب و الوداد بديلا
في قلبي مكان لكل ضيف
فكن الضيف مؤنسا أو ثقيلا
ظل من يحسب الرضا عن هوان
أو يراه على النفاق دليلا
فالرضا نعمة من الله لم
يسعد بها من العباد إلا القليلا
و الرضا آية البراءة و
الإيمان بالله ناصرا و وكيلا
علمتني الحياة أن لها طعمين
مرا و سائغا معسولا
فتعودت حالتيها قريرا
و ألفت التغيير و التبديلا
أيها الناس كلنا شاربا كأسين
إن علقما و إن سلسبيلا
نحن كالروض نضرة و ذبولا
نحن كالنجم مطلعا و أفولا
نحن كالريح ثورة و سكونا
نحن كالمزن ممسكا و هطولا
نحن كالظن صادقا و كذوبا
نحن كالحظ منصفا و خذولا
قد تُسَّري الحياة عني
فتبدي سخريات الورى قبيلا قبيلا
فأراها مواعظا و دروسا
و يراها سوايا خطبا جليلا
أمعن الناس في مخادعة النفس
و ظلوا بصائرا و عقولا
الأديب الضعيف جاها و ملا
ليس إلا مثرثرا مخبولا
و الأديب الغني مالا و جاها
هو أهدى هدى و أعظم قيلا
و إذا غادة تجلت عليهم
خشعوا أو تبتلوا تبتيلا
و تلوا سورة الهيام و غنوها
و عافوا القرآن و الترتيلا
لا يريدون آجلا من ثواب الله
إن الإنسان كان عجولا
و إذا ما انبريت للوعظ قالوا
ليست ربا و لا بعثت رسولا
أرأيت الذي يكذب بالدين
و لا يرقب الحساب الثقيلا
أكثر الناس يحكمون على الورى
و هيهات أن يكونوا عدولا
فلكم لقبوا البخيل كريما
و لقبوا الكريم بخيلا
و لكم أعطوا الملح فأغنوا
و لكم هجروا العفيف الخجولا
رب عذراء حرة وصموها
و بغي قد صوروها بتولا
و قطيع اليدين ظلما و
لص أشبع الناس كفه تقبيلا
جل من قلد الفرنجة منا
قد أساء التقليد و التمثيلا
فأخذنا الخبيث منهم و لم
نقبس من الطيبات إلا القليلا
يوم سن الفرنجة كذبت
إبريل غدا كل عمرنا إبريلا
نشروا الرجس مجملا
فنشرناه كتابا مفصلا تفصيلا
علمتني الحياة أن الهوى
سيل فمن ذا الذي يرد السيولا
ثم قالت و الخير في الكون باق
بل أرى الخير فيه أصلا أصيلا
إن ترى الشر مستفيضا فهون
لا يحب الله اليؤوس الخذولا
و يطول الصراع بين النقيضين
و يطوي الزمان جيلا فجيلا
و ذليل بالأمس صار عزيزا
و عزيز بالأمس صار ذليلا
رب جوعان يشتهي فسحة العمر
و شبعانا يستحث الرحيلا
و تظل الأرحام تدفع قابيلا
فيردي ببغيه هابيلا
و نشيد السلام يتلوه سفاحون
سنوا الخراب و التقتيلا
و حقوق الإنسان لوحة رسام
أجاد التزوير و التضليلا
قال صحبي تراك تشكوا جروحا
أين لحن الرضا رخيما جميلا
قلت اما جروح نفسي قد
عودتها بلسم الرضا لتزولا
غير أن السكوت عن جرح قومي
ليس إلا التقاعس المرذولا
لست أرضى لأمة أنبتتني
خلقا شائها و قدرا ضئيلا
لست أرضى تقاطعا أو تحاسدا
لست أرضى تخاذلا أو خمولا
أنا أبغي لها الكرامة و المجد
و سيفا على العدا مسلولا
علمتني الحياة اني إن
عشت لنفسي أعش حقيرا هزيلا
علمتني الحياة أني
مهما أتعلم فلا أزال جهولا