Saturday, November 29, 2008

سلسلة لبيك

ان هذه الايام حقا هى ايام مباركة تخرجنا من غفلتنا , تخرجنا من كسلنا و تكسر قيودنا و توحد شملنا
كيف ذلك؟
سأترككم الان فى رحلة مع سلسة لبيك كاملة عسى ان تكون فيها النفع و الاجابة ان شاء الله
صوت يجذبنى(1)ا
انه نفس الصوت الذى يجذبنى كل مرة و كأنى اسمعه لاول مره , هذا الصوت الذى لا اعرف كيف اصفه , فهل اصفه بالقوة ام الحنين ام الانين ؟! , يجذبنى بقوة و لا يكتفى بذلك بل يحتل عقلى و قلبى دون مقدمات و دون ان اغضب منه انه دخل بهذه الطريقة , فهو لم يترك مجال لى فى الرفض او القبول لانه تسلل الى رويدا رويدا بحنين عجيب لم اشعر به الا مع هذا الصوت , فى كل مرة اتأمله اجده أجمل و أروع كأهل الجنة كلما لبثوا فيها يزداد جمالهم جمالا دون دخل منهم , بل ارادة ربانية ارادت ذلك , و كذلك هذا الصوت . هذا الصوت الذى جعل لسان حالى و قلبى يردد نفس ما يقول و بنفس النبرة و الحنين و كأنى انا صاحبته و اسمع صداه فى الكون مدويا . هذا الصوت الذى لم يكتفى بأسر مشاعرى وحدى بل اسر مشاعر الاخرين دون غيرة منى على ذلك , كأهل الجنة عندما نزع الحقد و الغل منهم, فلم يتحاسدوا او يتباغضوا . الم اقل لكم انه صوت له جاذبية بل و قدرات عجيبة . انه صوت ملائكى يسحب بساط مشاعرى الى حيث كان هو , لا الى حيث موجودة انا , فأنه يجذبنى دون ان يأتى , يجذبنى بقوة لو وزعت على مشاعر الاحبة لكفتهم , و هذا ما يجعل عيونى تبكى كلما سمعته , لاننى لا استطيع ان اكون حيث كان , و كأن ارادة الله لم تجىء بعد كى يجمعنى به , فكم تمنيت ان اجتمع به على ارض الحقيقة و لو لحظة , و هذا ما يجعل قلبى ينزف فى صمت , ينزف و الطبيب لا يرى هذا النزف و لا يعلم به , و لن يظهر , و لم يظهر اثره على بقية اعضائى فمرضت , بل جعل اعضائى تزداد قوة و نشاطا و تعمل اكثر من اجل ان يجمعنى الله به, اليس من العذاب ان تكون حالتك كهذه الحالة التى لا يشعر بها احد و كأنك خلقت فى هذه الدنيا وحيدا ؟!, و الاعجب من ذلك ان يكون من حولك عندهم نفس هذه الحالة و كل شخص منهم يشعر بنفس ما أشعر و لكن فى صمت تأبى الاعين ان تخفيه , فترى الجميع فى صمت كلهم يعملون لنفس الغرض , و كأن الكل توحد دون ارادة او مقدمات , فهل ذلك الصوت صوت جاء من السماء بهذه القوة كى يوحدنا بعد ما فرقتنا و شتتنا متاعب الحياة , نعم انه كذلك , و حان الوقت ان أذكر كلمات هذا الصوت الذى يدواى الجروح و يغنى الفقير و الغنى و كأنهم فى نفس المرتبة , سأذكر كلماته الان و اعلم انها ستصلكم بنفس النبرة التى اسمعها الان فى اذنى بالرغم انه لا يوجد اتفاق بينى وبينه , فهذا الصوت ليس صوت اغنية لحنها ملحن فتعارفت بين البشر هكذا و لكنه صوت اتفق الجميع على ترديده هكذا كأنه لحن نفسه بنفسه و جعل آلاته الموسيقية ملايين البشر يعزفون احلى كلمات الدنيا , فذلك الصوت هو صوت الحجاج عند قولهم " لبيك اللهم لبيك , لبيك لا شريك لك لبيك , ان الحمد و النعمة لك و الملك , لا شريك لك" , الم اقل لكم انه صوت عجيب يحمل الكثير و الكثير من المشاعر و المعانى , اللهم اجمعنا جميعا بهذا الصوت . لحظات و تأتى ايام ذى الحجة , لحظات و سنجد هذا الصوت يعلو اكثر و اكثر , لحظات و سنشعر بمعانى التجرد و التوبة مرة اخرى الى الله عز و جل بعد ما شعرناها فى رمضان , فكما اجتهدت الناس فى العشر الاواخر من رمضان بالاعمال الصالحة و الدعاء , سيجتهدوا مرة اخرى فى العشر الاوائل من ذى الحجة , انها حقا ايام عظيمة و ليال اقسم الله عز و جل بها فى كتابة العزيز : بسم الله الرحمن الر حيم " و الفجر و ليال عشر " , فلن اقول ماذا نفعل فى هذه الايام ؟, لان المشاعر تأخذنا جميعا الى العمل , فالأعمال الصالحة كثيرة من صلاة و صيام و ذكر و دعاء و بر والدين و صلة رحم و تلاوة قرآن و مذاكرة و عمل وظيفى و صدقات , المهم ان النية تكون مجردة و خالصة لله وحده , فمن رحمة الله و شمول الاسلام انه لم يحصرنا فى صلاة و صيام فقط , بل جعل حياتنا كلها لله اذا وضعنا النية لذلك , و لكن هناك لحظات يشعر الانسان فيها انه يريد ان يضاعف مجهوده لاهمية هذه اللحظات و الايام فى حياته , فبجانب المذاكرة و العمل يصوم و يقوم الليل و يتضرع بالدعاء و يقوم بأعمال خيرية اخرى , حبا منه فى ذلك , و انا اعتقد ان الايام القادمة ان شاء الله مثل هذه اللحظات , و قد تكون لحظات فارقة و تغير الكثير منا اذا اخلصنا النية , فاللهم وفقنا لما تحبه و ترضاه

لبيك قولا و فعلا(2)ا
هل تأملنا هذه الكلمات يوما؟
هل تأملنا ما يفعله الحجيج؟
فأول كلمة يرددها الحجيج "لبيك"
تركوا منازلهم و دفعوا أموالهم و تحملوا مشاق السفر كى يقولوا
"لبيك"
و لكن هل القول يكفى؟
لو كان القول يكفى لكان الامر يسير
و لكنه درس عملى و كأن الله يثبت فى قلوبنا
"كبر عند الله مقتا ان يقولوا مالا يفعلون"
فالحجيج لا يقولون لبيك و هم جالسين منعمين و لكن يرددونها اثناء تأدية شعائر الحج التى بالفعل تبثت مفهموم "لبيك" . فكم رأينا اناس محمولة على الكراسى فى الطواف بين الصفا و المروة فقط لتقول "لبيك"
بمنتهى الخضوع و الاستسلام لله الواحد الاحد ,لبيك بالعمل , لبيك بالجهاد. و اول جهاد فى هذا الحج هو جهاد النفس و الهوى
ثانيا هو صورة لجهاد آخر , فالذى ترك امواله و أولاده مرة من أجل الله عز و جل قادر على ان يتركهم مرة اخرى لاجل الله ايضا . حتى اذا ما دعوا الناس للجهاد و مساعدة اخوانهم المسلمين فى انحاء الارض سواء بالمال أو النفس أو الوقت وجدنا من يقول "لبيك", و جدنا من تفيض أعينهم حزنا من الدمع ألا يجدوا ما ينفقون سواء كان بالمال أو .
بالنفس , ووجدنا ايضا من سيتخلف مبررين معتذرين شغلتنا أنفسنا و أهلونا .لذلك ارى فى الحج نموذج عملى للجهاد. فمن منا لم يرى أناس بكت أعينهم حزنا على عدم وجودهم مع الحجيج, و من منا لم ير أناس منعمين و قالوا شغلتنا أنفسنا و أهلونا و مناصبنا و كيف سنحج و نحن شخصية عامة و نخاف على أنفسنا؟!
لذلك كانت الكلمة الثانية بعد "لبيك " هى "اللهم " و التى تدل على قمة الاستسلام لله و كأننا نعلن لله فقرنا و حاجتنا و اننا نستعين بك وحدك يارب على اهلنا وا نفسنا و حياتنا ليترسخ معنى اخر "اذا استعنت فاستعن بالله "
لا نستعين بمعونات خاريجية اذللنا لها انفسنا . ثم يقول الحجيج مرة اخرى "لبيك " حتى يترسخ معنى "التوكل" لا التواكل . ففى كل خطوة نخطوها و نستعين بالله فيها نعمل و نبذل لا نتواكل ثم نقول " لا شريك لك"
كأنها تذكرة و تجديد للنية . فاذا كنا نناضل و نجاهد , يجب أن نسأل انفسنا لاجل من؟ و أى مرجعية نستند عليها ؟ .و كأن "لا شريك لك "اعلان منا اننا نناضل يارب من اجلك لاقامة منهجك فى الارض لا لمنصب و جاه أو شهرة و تفاخر أو لاسباب اخرى تبعد عن "لا شريك لك". ثم نقول"ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك"
حتى لا نقول كما قال قارون "انما اوتيته على علم " و يصبح شكرنا لانفسنا و بذلنا انما الشكر لله أن اعاننا على ذلك المجهود , الشكر لله ان وفق الحجيج ان يقفوا مثل هذه الوقفة , الشكر لله أن اعان الحجيج على تأدية مناسك الحج بالرغم من صعوبتها . الشكر لله فقط و ما نحن فيه من نعم انما من الله " و النعمة لك و الملك " .و هذا الملك الذى نعيش فيه انما ملك الله لا ملك دولة و لا امبراطورية و كأنها ترسخ معنى " الله احق أن تخشوه " لا نخشى من سلطان جائر و لا دولة متسلطة و انما نخشى الله. فلقد تدهور حالنا بالفعل عندما بعدنا عن هذه الكلمات التى يذكرنا الله بها كل عام ؛ لقد تدهور حالنا عندما أصبحنا نخشى الناس و تقوقعنا فى سلبية تبعد عن كلمة "لبيك" بما تحويها هذه الكلمة من ايجابية و عمل و مثابرة و جهاد ؛ لقد تدهورنا عندما اصبحنا نردد لبيك فى احزاب و جماعات متفرقة و لم نعى ان الحج ساوى بين البشر و جعلهم متفقين على كلمة واحدة و على عمل واحد . و هذا ما تريده الامة أن تتفق على كلمة واحدة و على عمل واحد فى صف واحد مدرك لاولويات و احتياجات الامة . فهل حقا ستكون هذه الكلمات شعار الامة و شعار كل شخص منا :
"لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك "؟

من معانى التجرد(3)
نريد ان نتجرد , و لكن من اى شىء نتجرد ؟, و ما هو نوع التجرد الذى نريده فى كلامنا هذا ؟, التجرد الذى نريده هنا هو ترك شىء محبب بحب لاجل من نحب , و هذا المعنى استخلصته من موقف الحجاج , فهم يتركون الاشياء المحببة الى انفسهم من بيت و اولاد و شهوات عديدة بحب من اجل الله عز و جل , فلم يغصبوا على ترك هذه الاشياء , بل تركوها بكامل ارادتهم و بمنتهى الحب . كما اننا نجد فى الحج معنى التجرد يشمل التجرد من الحرام و التجرد من الحلال , بمعنى ان هؤلاء الحجاج تجردوا من معاصيهم و اعلنوا التوبة , فتجردوا من الاشياء المحرمة ؛ بالاضافة انهم تجردوا من الحلال , فنجدهم مثلا قد تجردوا من النوم من اجل اقامة المناسك و الذكر و القيام ؛ نجد الرجال قد تجردوا من ملابسهم بقطعتين من القماش لاجل الله عز و جل و العمل بما امر ؛ و الملاحظ هنا ان العامل المشترك هو التجرد لله عز و جل فى كلا الحالتين . و من هنا اريد القول : لماذا لا نستغل نحن هذه الفرصة و هذه الايام المباركة و نتجرد ايضا من ذنوبنا التى نصر عليها ؟, و ان كان هناك من تخطى هذه المرحلة فلماذا لا يرتقى الى الدرجة الاعلى و هى التجرد من الحلال؟ , و ان كان كلا الحالتين يتطلبوا من الشخص الصدق مع الله عز و جل و التوبة النصوح مع اخذ خطوة الى سبيل التجرد , فلا يقول شخص و هو يجلس على المقهى انه فعلا يريد ترك السجائر و انه صادق و بالرغم من ذلك مازال يجلس , و هنا انا لا اعارض المقهى كمكان , و لكننى اقصد ان هذا الشخص لم يتخذ خطوة الى التجرد من هذه السجائر قد تكون بترك المقهى او بترك صحبة سيئة او ...الخ . لذا علينا ان نكون صادقين مع الله و مع انفسنا و نتخذ خطوة حقيقية من اجل الاصلاح , نعم الاصلاح , لان القارىء قد يتوهم ان عملية التجرد هذه عملية روحية فقط غير مرتبطة باصلاح الفرد من الجوانب المختلفة و المجتمع من حوله , مع اننا اذا دققنا فى معنى التجرد لوجدنا انه اول خطوة فى طريق الاصلاح . فاذا تجرد الانسان من طمعه و الحكام من جشعهم لانتشر السلام فى الارض.
و من هنا سأكتب بعض الاشياء التى سنحاول سويا التجرد منها فى هذه الايام بالاستعانة بالله عز و جل و الصدقة و الدعاء و الصدق و التوبة .
الشىء الاول :
التجرد من الغرور و الحقد
قد نقع فى الغرور بقصد او من غير قصد , فنجد الغرور احيانا يظهر فى طريقة كلامنا لاظهار اننا الاحسن و الاصح او فى سيرنا او من خلال بعدنا عن الفقراء و مساعدتهم من بعيد دون التقرب اليهم او من خلال عدم حمل حقيبة عيش مثلا بحجة " البرستيج" او ....او ,,,الخ ؛ و قد نقع فى الحقد على اشخاص اخرين لتحقيق نجاحات معينة لهم , فنجد صدرنا احيانا يضيق لهم و لا يتمنى لهم الخير , و امثلة من ذلك كثيرة . قد يتسائل البعض لماذا اخترت هذين الشيئين كأول شىء من معانى التجرد ؟, و الاجابة انى اخترتهم لعدة امور اولها انى لاحظت ان معظم المشاكل فى وقتنا الحالى تنتج من هذين الشيئين , و هذا لان الحقد يولد بالقلب الضغينة و الغرور يولد الكبر , فنجد مشاكلنا محصورة بين ضغينة و كره و بين اشخاص لا يريدون التنازل عن غرورهم و كبرهم من اجل الاعتراف بالخطأ و التسامح و الاصلاح , مع اننا فى وقت نحتاج الى ان نضع الساعد فوق الساعد , فى وقت نحتاج الى التعاون بشكلى عملى بدون غرور و حقد , بل تعاون بمحبة ؛اما السبب الاخر لما يولد التجرد من هذه الاشياء من معانى سامية و سماحة صدر تجعل الناس يعيشون فى سلام اكثر و هدوء و استقرار .
بذلك اكون قد انتهيت من الشىء الاول الذى يتطلب منا الصدق مع انفسنا و البحث فى اغوار النفس و خباياها عن الاشياء التى قد تدل على الغرور و الحقد و نحاول التجرد من هذه الاشياء فقط لله عز و جل , مع الدعاء و الصدقة بنية ان الله عز و جل يرزقنا التجرد من هذا الشىء .
مازال للحديث بقية و لمعانى التجرد تكملة فالنستمر معا بأذن الله فى خطوات الى طريق التجرد الاصلاحى
.

خطوات للتجرد الاصلاحى:الكاظمين الغيظ(4)

السلام عليكم
نستكمل سويا ان شاء الله معانى التجرد
و قبل ان نستكمل هل فعلا تجردنا من الحقد و الغرور ام ...؟
ادعوا الله عز و جل ان يجردنا من هذه الاشياء
المعنى الذى سنأخذه اليوم ان شاء الله
" و الكاظمين الغيظ "
نريد ان نتجرد من الغيظ الذى نراه يوميا مرسوم على وجه الكثير من الناس بسبب و بدون سبب , نريد ان نتجرد من هذا الشىء الذى يحول حياتنا الى جحيم دون ان نشعر , نريد ان نكظم غيظنا بقدر المستطاع . اعلم ان هناك من سيقول " و لكن هناك من يتعمد استفزاز الاخرين و لا يستحق ان نكظم غيظنا له " ارد و اقول نحن نكظم الغيظ لله عز و جل , لا نكظمه لشخص يستحق او شخص لا يستحق .
كيف اعلم: هل انا كاظم الغيظ ام لا ؟
سأرد من واقع الحياة و اقول : ان ضايقك احد الاشخاص مضايقة شديدة و استفزك بجميع الطرق و انت لم ترد الاساءة بأساءة و قلت له "ربنا يسامحك ", فأنت بذلك كظمت غيظك ؛ اذا ضايقك احد و قمت فتوضأت حتى لا يشتعل الامر اكثر و اكثر فأنت بذلك كظمت غيظك , اما اذا ردد الشتيمة بشتيمتين او اكثر من اول حديقة الحيوان الى جبلاية القرود فبذلك لا تكون كظمت غيظك , اذا تطور الامر و كسرت شىء او اغلقت الباب بقوة تهد البيت فبذلك لا تكون كظمت غيظك , و اذا تطور الامر اكثر و اكثر ووصل الى الضرب و السكينة و الساطور و اكياس فاكيد هذا لا يسمى كظم للغيظ . امممممممم....خلاص انا عرفت انا من اى الفريقين.
اذا كنت من الفريق الاول الكاظم للغيظ الذى علاماته تدل على ذلك:

  • فهنيئا لك و خذ خطوة أوسع وأمر من حولك بكظم الغيظ
  • و ادعو الله ان يرزقك الثبات
  • خذ خطوة اخرى جديدة الى التجرد
    اما ان كنت من الفريق الثانى لان افعالك تدل على ذلك :
  • فجاهد نفسك و تذكر تجرد الحجاج كما ذكرنا فى البوست السابق
  • حاول ان تفعل كما يفعل كاظم الغيظ , اذا ضايقك احد قم و توضأ و صلى ركعتين
  • " لا ترد الاساءة و ردها بقول " ربنا يسامحك
  • و اذا لم يتيسر لك هذا او ذاك فقم و اترك المكان مؤقتا لمن يسىء اليك حتى تهدأ الامور
  • و لا تأخذك العزة و تقول " كرامتى", بل تذكر هذه الايه "و الكاظمين الغيظ" و قول "ربى اكرم من كرامتى ", فلا تجعل الشيطان يلعب بك , فالامر يبدأ بشرارة و غيظ ثم خناقة ثم ضرب و ممكن يصل الى القتل و ان لم يصل الى هذا او ذاك فكفى ما يترك فى النفوس من شحناء و نحن لن نستطيع الاصلاح بنفوس كهذه لا تحاول ان تكظم غيظها .
  • استعين بالله بالتصدق و الدعاء بنية ان يجردك الله من هذا الشىء

قد تكون هناك حلول اخرى و لكن هذا ما الهمنى الله اياه فتوصل اليه ذهنى و كتبته يدى . فى النهاية يجب ان نعلم ان لكظم الغيظ فوائد صحية و نفسية على الفرد فى الدنيا و ثواب و اجر من الله فى الاخرة , كما ان له فوائد على المجتمع بجعله اكثر تعاونا و تماسك , مجتمع خالى من الاضغان و الاحقاد و الجرائم التى قد تحدث بسبب عدم كظم الغيظ

و الى ان نستكمل طريق خطوات للتجرد الاصلاحى سأترك نفسى و اياكم , كى نفكر فى هذا الكلام لعل يكون فيه الحل للكثير باذن الله


خطوات التجرد الاصلاحى:العافين عن الناس(5)

لقد تكلمنا فى الخاطرة السابقة عن " الكاظمين الغيظ" و نستكمل المعانى و نقول لك هنيئا اذا تمكنت من كظم غيظك و ان لم تتمكن فحاول و اصدق النية .
و لكن هل الامر يتوقف عند كظم الغيظ ؟ الحقيقة لا , فهناك معنى اسمى و هو " العافين عن الناس " . فهل يكفى ان تكظم غيظك ثم تجعل فى الصدر حاجة او ضيق معين من هذا الشخص الذى ضايقك , و لربما هذا الضيق يتجدد فى اى وقت و يشعل الامر اكثر من المفترض ان يكون ؟!, و من هنا نقول اننا نريد ان نتجرد حتى من هذا الضيق و البغض الذى نحمله فى قلوبنا لأناس ضايقونا . اعلم اننى اتكلم الان و اوجه هذا الكلام لناس تحملوا الاذى من الحبيب و صبروا على متاعب الصديق و أسوة الاهل و الغريب , اعلم انى اوجه هذا الكلام لناس كظمت غيظها بكل ما تستطيع و لم تبوح بجرحها و حزنها الا للمجيب ,و تركت الدمعة فى عينيها حتى لا يراها الاخرين , و لكن مازال امر العفو عن الاخرين امر صعب بالنسبة لهم لانهم تحملوا الكثير , و من هنا اريد ان اذكرهم بهذه الاية :

بسم الله الرحمن الرحيم " الذين ينفقون فى السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين ( ) و الذين اذا فعلوا فاحشة أو ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب الا الله و لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون ( ) أولئك جزائهم مغفرة من ربهم و جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها و نعم أجر العاملين ( ) آل عمران 134-136

و نلاحظ هنا :
ان " العافين عن الناس " ذكرت بعد " الكاظمين الغيظ" , حتى نرتقى بأنفسنا و نسمو بها الى اعلى الدرجات , فلا تتوقف عند كظم الغيظ فقط و لكنها تصعد الى مرتبة اعلى و هى العفو عن الناس .
و نلاحظ الجزاء :
مغفرة من الله و جنات تجرى من تحتها الانهار
فهل هناك جزاء اكثر من ذلك؟!

و لنتذكر حالنا فى رمضان و العشر الاواخر و نحن ندعوا الله عز و جل " اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعفوا عنا " , هذا الدعاء الذى رددناه كثيرا لعل الله يستجيب , ألم يترك فى النفس معنى من المعانى العظيمة و هى العفو ؟!. لقد رددناه فى العشر الاواخر من رمضان و ها نحن نتذكره فى هذا اليوم من ايام العشر الاوائل من ذى الحجة لعلنا نتذكر كم المعاصى التى فعلناها فى امر الله حتى استحى اللسان من الدعاء و لكنه لم يجد فى النهاية وسيلة الا الدعاء لانه يعلم ان الله عفو غفور , و لانه يعلم ان لا ملجأ من الله الا اليه . اليس هذا الامر يستحق منا نحن كبشر ان نعفوا عن بعض ؟!, فان كان الله عز و جل بجلاله و عزته يعفو عنا , نأتى نحن البشر و لا نعفو عن بعض! . ارجو ان اكون جدد هذا المعنى فى القلوب حتى تصبح اكثر صفاء و نقاء . فيعيش الانسان فى راحة فى الدنيا و الاخرة .
ملحوظة اخيرة اريد ان اوضح بها هول الامر الذى يصل بنا عندما لا نعفو عن بعض :
و هى قضية "الثأر" , هذه القضية التى فقد و مازال يفقد بسببها ارواح الابرياء و خاصة فى الصعيد المصرى , هذه القضية التى اتعبت الكثير من الناس , اذا نظرنا لها سنجد السبب الرئيسى فيها بعيد عن العادات السيئة هو :
عدم العفو
ارجو ان اكون بهذه النقطة وضحت اهمية العفو عن الناس
و مازال للحديث بقية ان شاء الله فاستمروا معنا فى خطوات للتجرد الاصلاحى

خطوات للتجرد الاصلاحى:الانفاق(6)

"الانفاق"
قضية الانفاق من الامور الصعبة على النفس لدى كثير من الناس , لذا فالنتجرد اليوم من هذا الشىء: الشح
و الانفاق الذى نريده هنا له عدة اشكال , فقد يكون انفاق بمال , بوقت , بجهد او بكلمة طيبة فالكلمة الطيبة صدقة او بابتسامة فتبسمك فى وجه اخيك صدقة
و السؤال الذى يطرح نفسه الان : فيم سننفق هذه الاشياء؟ هل سننفقها لشراء و عمل ما نعصى به الله و بذلك نكون انفقنا؟ بالتأكيد لا , فنحن نريد هذا الانفاق فيم ينفعنا فى الدنيا و الاخرة

فننفق الاموال على الفقراء و المساكين , نتبرع به لاخواننا فى فلسطين , ننفقها فى
الاعمال و المشاريع الخيرية , و ما اكثرها , ننفقها فيما ينفع الناس و ننفقها
ايضا فيما ينفع انفسنا فلا ننفقها على السجائر مثلا, و لكن بجانب ذلك يجب ان نضع
النية و نخلصها لله عز و جل.
الكلمة الطيبة صدقة , هذه الكلمة التى
افتقدها الكثير فى منزلة او عمله او حتى فى الشارع , فنرى الكلمة البذيئة حلت مكان
الكلمة الطيبة فى كثير من الاحيان , نرى ناس تتكلم عن غيرها و تغتاب و تنم و توقع
بين الناس بالرغم انها تعلم ان الكلمة الطيبة صدقة و من تكلم فاليقل خيرا او ليصمت
و يعلمون "ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه" , و نتيجة
لذلك نرى فى النهاية مشاكل كثيرة فى حياتنا اليومية تعترضنا بسبب اختفاء الكلمة
الطيبة
اما بالنسبة للابتسامة فهى سهلة للكثير من الناس و لكن الاهم ان
نضع النية لها بان تكون لله , و لكن كالمعتاد نجد من الناس من يرى ان هذه
الابتسامة هى تقليل من مكانته عندما يبتسمها للفقير او للقريب , فيرى ان هناك من
الناس من لا يستحق هذه الابتسامة , و الحل لذلك هو التجرد من الحقد و الغرور كما
ذكرنا فى اول بوست , و البعض الاخر ترى طبيعته التشائمية غلبت عليه و جعلت وجهه
عبوس و بسبب ذلك نرى فى جبينه علامة "^"من اثر التكشيرة , و نوجه الكلام لهذه الفئة و نقول
مازال فى الحياة امل , فكفانا مشاكل الحياه التى لا نريد ان تزيد بهذه التكشيرة, ابتسم , و لكن لله
تحذير:
لا تأتى الفتاة و تقول " الابتسامة فى وجه اخيك
صدقة" , فنجدها بذلك وضعت مبرر لنفسها كى توزع الابتسامات و خاصة على الرجال بأخذ
ذلك حجة ؛ كما رأيت فى مسألة الكحل , ناس اعلم انها غير ملتزمة بتعاليم الدين تماما
و عندما سألت عن سبب وضعها الكحل , قالت " سنة عن النبى صلى الله عليه و سلم" , ما
شاء الله , ما هذا التفانى الشديد فى تطبيق سنة النبى صلى الله عليه وسلم ؟!, طبعا
انا هنا لا افرق ان غير الملتزمة بتعاليم الدين لا تضع كحل و الملتزمة تضع , لا
طبعا , و لكنى ذكرت ذلك لان المسلمة عندما تصل لحد معين فى التزامها بتعاليم الدين
لا تفكر اصلا فى وضع كحل عند خروجها , المهم حتى لا اخرج الى مسألة فرعية , يجب
علينا جميعا سواء رجال او نساء ان نتقى الله عز و جل فى افعالنا و لا نأخذ من الدين
فقط ما يعجبنا , بل نأخذ الدين بمفهومه الشامل , الدين الصلاة , الصوم , الاخلاق
الحسنة , العمل , فلا نجزأ الدين و نأخذ الصلاة و الصوم و نترك العمل او العكس
فنأخذ العمل بحجة " العمل عبادة " و نترك الصلاة و الصوم .
: اما بالنسبة
لانفاق الوقت و الجهد , فنننفقهم ايضا فيما يرضى الله , ننفقهم فى المذاكرة ,فى
العمل باختلاف انواعه الحلال

بذلك اكون انتهيت من نقطة الانفاق و اريد
التركيز مرة اخرى على " الانفاق بالمال " لانه اصعب شىء على النفس بالنسبة لناس
كثيرة , فانفقوا و تذكروا الله عز و جل و تذكروا الراحة التى سنجنيها من امر هكذا
عندما يشعر الفقير بالرضى فلا يحقد على الغنى , عندما يشعر المنكوبين فى كل مكان ان
فى ازمتهم هناك من سيقف بجانبهم , هذه الراحة التى تؤلف القلوب اكثر و اكثر و تجعل
الناس فى سعادة ادوم .
فى النهاية اريد ان نذكر بعض بهذه الاية
الكريمة"

بسم الله الرحمن الرحيم " الذين ينفقون فى السراء و
الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين ( ) و الذين اذا
فعلوا فاحشة أو ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب الا
الله و لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون ( ) أولئك جزائهم مغفرة من ربهم و جنات
تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها و نعم أجر العاملين ( ) آل عمران 134-136


يوم عرفه(7)ا

لقد مر الوقت سريعا و كنت اتمنى ان اكمل معكم معانى التجرد فنقول:
لا للسجائر
لا للكسل
لا لهوى النفس
لا لكل ما يغضب الله

فادعوا الله غدا ان شاء الله ان يجردنا من هذه الاشياء , فالدعوة غدا مستجابة ان شاء الله , ادعوا الله بالعامية او الفصحى , بالعربية أو بأى لغة اخرى فان الله سميع عليم مجيب الدعوات . و لا تنسونا من صالح دعاؤكم , فاستغلوا اليوم غدا باذن الله و تذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
(أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له
الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . (.(حسن)
بالاضافة الى التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير؛ استغلوا الغد ان شاء الله فى الاعمال الصالحة ,فان دقائق الغد ثمينة لا تعوض
.
احاديث عن يوم عرفة :
  • روى ابن حبان من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ)) وفي رواية: ((إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَةَ مَلَائِكَتَهُ، فَيَقُولُ: يَا مَلَائِكَتِي، اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي، قَدْ أَتَوْنِي شُعْثا غُبْرا ضَاحِينَ)).
  • عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب" رواه أبو داود
  • قال النبي صلى الله عليه وسلم "صيام يوم عرفه أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" رواه مسلم.
  • عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء" قال ابن عبد البر وهو يدل على أنهم مغفور لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا بعد التوبة والغفران.

ادعوا الله ان يتقبل منا و منكم صالح الاعمال و يرزقنا زيارة بيته الحرام
و كل عام و الامة الاسلامية بخير


No comments:

Post a Comment

انطلق برأيك