Sunday, September 5, 2010

ما غرك بربك الكريم

سمعتها اليوم فى الصلاة و كأنها لأول مرة تمر على سمعى
تذكرت غرورى
نعم غرورى
غرورك و غرورنا جميعا
هذا الغرور الذى أبعدنا عن لذة الخشوع
عن معنى الخضوع
عن انهمار دموع العين بين يدى الرحمن
فأى قلب قاسى ذلك القلب المغرور؟
هى كالحجارة أو أشد قسوة
هذا الغرور الذى يجعلنا نطيل الأمل مع أن الموت يأتى بغتة
هذا الغرور الذى يجعلنا ننسب الفضل لأنفسنا اذا ما أعطانا الله نعمة
فنقول ذاكرنا
نقول تعبنا و جاهدنا
فكان الجزاء نجاح
و كأننا اشترطنا على الله
فبعدت قلوبنا بالرغم من مواظبتها على الصلاة و تلاوة القرآن
و لكن أى صلاة تلك التى نقيمها دون خشوع
دون انكسار القلب بين يدى الجبار
لنعلن أن التوفيق أولا و أخيرا من الله
فالتعب و الجهاد و غيره نعمة كبيرة من الله
و الجزاء نعمة من الله
ننسى أحيانا ذلك وسط فتن الحياة و صراعات البشر
كى نثبت أننا جديرين على النصر
فننسى أن النصر كله من الله و أن العزة لله جميعا
ننسى فيقسو القلب بالرغم من تأديته العبادات
و لكنها عبادات صامتة ساكنة
فاغتررنا أكثر بالعمل
و سحبنا ذلك لغرور أكبر و تكبر على الخلق
فأصبحنا نراعى معانى "البرستيج" أكثر من مراعاة نفوس الخلق الضعفاء الفقراء الى الله
و كلنا فقراء الى الله
أصبحنا ننظر اليهم بنظرة الشفقة تحفها ذرة تعالى أننا لسنا منهم فطغت على معنى الحمد فى النفوس
فأخذنا ذلك الشعور الى شعور أقسى و هو تصور أحوال العباد على مرادنا فأصبحنا نقرر أن هذا عاصى لا توبة له و ان تاب لا يصلح
و نسينا أن هناك من أحن علينا من الأم على ولدها و يغفر الذنوب جميعا
أخذنا ذلك الشعور لمعاملات أقسى فترى فى هذا الشهر الفضيل كثير من المكالمات على القنوات الفضائية تشكى عدم صلة الرحم
و لو تأملنا كل قاطع صلة رحم لوجدناه أعلى قيمة نفسه عن مراد الله و ما أمر به متناسيا ان قاطع صلة الرحم مقرون بالفساد فى الأرض فى آيات القرءان

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ

أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا

و تبقى حلقة الغرور متواصلة ظالمة لأنفسنا

فندعوا الله بالجنة و نحن ظالمين

و ان وفقنا الله لخير و لطريق الرشاد قلنا ذلك من جهادنا

من علمنا الغزير و من حكمتنا

فتعلوا قيمة الأنا فى النفوس مرددين

أنا أعلم , أنا أصح , أنا أرى , أنا ... أنا .. أنا...أنا

و أحيانا نأمن أعمالنا حتى اذا ما دعونا بالجنة و النجاة من النار دعونا بقلب فاتر بعيد عن الله

متحججين أننا بذلك نظن فى الله خيرا و نحن فى الواقع نأمن أعمالنا و كأنها ستدخلنا الجنة

ناسين أن من يأمن النفاق منافق

ناسين أن سيدنا عمر بن الخطاب سأل سيدنا حذيفة " هل أنا من المنافقين ؟"

يخشى على نفسه من النفاق

انه لا يرى النفاق فى اليهود و الكفار أو غيرهم

بل يراه فى نفسه و هذا هو الفاروق

و هذا قول سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه: "لو أن إحدى قدمي في الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله عز و جل

فما غرك يا أنسان بربك الكريم

ما غرك و أنت جسد من طين الأرض فاشعر بقيمتك

ما غرك و أنت نفس فيها روح الله من أول نفخة نفخها الله فى آدم فاشعر ايضا بقيمتك الغالية التى يجب الا تدنسها كثرة المعاصى و الذنوب و الحقد و الكبر و النفاق و سوء الظن

عندما سمعت هذه الآية الليلة مرت أمام عينى ذنوب كثيرة نحسبها صغيرة حتى أصبحت ران على القلوب منعت أنوار الله الى الوصول

ما غرك يا نفس بربك الكريم

حينها شعرت و كأن جسدى قطعة قماش بالية أمام عظمة الله و نفسى الصغيرة . دعوت بحماس اللهم اهدنى و ارزقنى الأستقامة . اللهم طهر قلبى من الكبر و النفاق و الرياء و السمعة و الريبة و الشك فى دينك . فكم وقعت نفسى فى آفات النفس هذه

دعوتها كأنى لم أدعوا بها من قبل

فيا نفس توبى فما غرك بربك الكريم

يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ

الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ

فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ

كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ

وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ

كِرَامًا كَاتِبِينَ

يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ

إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ

وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ

يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ

وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ

وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ

ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ

يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ

هذا اليوم الذى لا ينفع فيه مال و لا بنون الا من أتى الله بقلب سليم

يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ

وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ

وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ

لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ

مخيفة تلك الآيات ليبقى القلب موصولا بالله بين الرجاء و الخوف

لتخشى الجوارح من فعل المعاصى

لتخشى النفس من الانسياق وراء الذنوب

ليتدبر العقل قبل الخضوع للأخرين حتى لو كانوا أقرب الأقربين

فهل يأمرون و يتناصحون بمعروف أم منكر

و بين الخوف و التدبر تكون الاستعانة و التوكل الحقيقى و حسن الظن بالله

حسن الظن الذى يتحول الى عمل محاط بخوف الا يتقبل الله و بأمل أن يتقبل لأنه الكريم سبحانه

فيتقبل لكرمه لا لجهدنا

فاللهم انا نسألك الجنة

اللهم اعتق رقابنا من النار

اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعفوا عنا

اللهم سامحنا سامحنا سامحنا

اللهم اغفر لنا و اهدنا و ارزقنا الأستقامة و لا تجعلنا بك مغرورين

No comments:

Post a Comment

انطلق برأيك